فصل: 254- اختلافهم في الترك:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين (نسخة منقحة)



.249- معنى القول: إن الله خالق:

واختلف الناس في معنى القول: إن الله خالق.
1- فقال قائلون: معنى أن الخالق خالق أن الفعل وقع منه بقدرة قديمة فإنه لا يفعل بقدرة قديمة إلا خالق ومعنى الكسب أن يكون الفعل بقدرة محدثة فكل من وقع منه الفعل بقدرة قديمة فهو فاعل خالق ومن وقع منه بقدرة محدثة فهو مكتسب وهذا قول أهل الحق.
2- وقال قائلون: معنى الخالق أنه يفعل لا بآلة ولا بجارحة فمن فعل لا بآلة ولا بجارحة فهو خالق وهذا قول الإسكافي وطوائف من المعتزلة.
3- وقال محمد بن عبد الوهاب الجبائي: إن معنى الخالق أنه يفعل أفعاله مقدرة على مقدار ما دبرها عليه وذلك هو معنى قولنا في الله: إنه خالق وكذلك القول في الإنسان أنه خالق إذا وقعت منه أفعال مقدرة وأبى ذلك سائر المعتزلة.
4- وزعم عباد أن معنى خالق معنى بارئ ومعنى مخلوق معنى مبرأ.

.250- هل يقال للإنسان فاعل على الحقيقة؟

واختلفوا هل يقال أن الإنسان فاعل على الحقيقة؟
1- فقالت المعتزلة كلها إلا الناشي: إن الإنسان فاعل محدث ومخترع ومنشئ على الحقيقة دون المجاز.
2- وقال الناشي: الإنسان لا يفعل في الحقيقة ولا يحدث في الحقيقة وكان لا يقول أن البارئ يحدث كسب الإنسان فلزمه محدث لا لمحدث في الحقيقة ومفعول لا لفاعل في الحقيقة.
3- وكثير من أهل الإثبات يقولون: إن الإنسان فاعل في الحقيقة بمعنى مكتسب ويمنعون أنه محدث.
4- وبلغني أن بعضهم أطلق في الإنسان أنه محدث في الحقيقة بمعنى مكتسب.
5- ورأيت منهم من إذا سألوه هل الإنسان فاعل في الحقيقة؟ قال: هذا كلام على أمرين: إن أردتم أنه خالق في الحقيقة فهذا خطأ وإن أردتم أنه مكتسب فهو مكتسب فإذا قالوا له: فتقول أنه فاعل بمعنى مكتسب؟ قال: إن أردتم أنه مكتسب فنعم هو مكتسب وكلما سألوه عن لفظة يفعل قسم الأمر على وجهين على سبيل ما حكيناه وهذا قول الكوشاني.
6- وبلغني أن يحيى بن أبي كامل قال: لا أقول أن البارئ يفعل إلا على المجاز ولا أقول أن الإنسان يفعل إلا على المجاز والحقيقة في الإنسان أنه مكتسب وفي البارئ أنه خالق.
7- وبلغني أن برغوثًا قيل له مرة: أتزعم أن البارئ فاعل؟ فقال: لا أقول ذلك لأن يفعل تهجين في الاستعمال يقال للإنسان بئس ما فعلت! فألزم أن لا يكون البارئ خالقًا تهجين في نص القرآن قال الله-عز وجل-: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا} [العنكبوت: 17] فهجنهم بذلك وما كان تهجينًا في نص القرآن فهو أغلظ مما كان تهجينًا في استعمال العامة.
8- وسمعت أحمد بن سلمة الكوشاني وكان من أصحاب الحسين النجار يقول لا أزعم أن البارئ يفعل الجور لأن هذا القول يوهم أنه جائر وهذا القول منه غلط عندي.
9- ومن أهل الإثبات من يقول: إن الله يفعل في الحقيقة بمعنى يخلق وإن الإنسان لا يفعل في الحقيقة وإنما يكتسب في التحقيق لأنه لا يفعل إلا من يخلق إذ كان معنى فاعل في اللغة معنى خالق ولو جاز أن يخلق الإنسان بعض كسبه لجاز أن يخلق كل كسبه كما أن القديم لما خلق بعض فعله خلق كل فعله.
10- واتفق أهل الإثبات على أن معنى مخلوق معنى محدث ومعنى محدث معنى مخلوق وهذا هو الحق عندي وإليه أذهب وبه أقول.
11- وقال زهير الأثري وأبو معاذ التومني: معنى خالق أنه وقع عن إرادة من الله وقول له كن وقال كثير من المعتزلة بذلك منهم أبو الهذيل.
12- وقد قال قائلون: معنى المخلوق أن له خلقًا ولم يجعلوا الخلق قولًا على وجه من الوجوه منهم أبو موسى وبشر بن المعتمر.

.251- قولهم في معنى مكتسب:

واختلف الناس في معنى (مُكْتَسِب):
1- فقال قوم من المعتزلة: معناه أن الفاعل فعل بآلة وبجارحة وبقوة مخترعة.
2- وقال الجبائي: معنى المكتسب هو الذي يكتسب نفعًا أو ضررًا أو خيرًا أو شرًا أو يكون اكتسابه للمكتسب غيره كاكتسابه للأموال وما أشبه ذلك واكتسابه للمال غيره والمال هو الكسب له في الحقيقة وإن لم يكن له فعلا.
3- والحق عندي أن معنى الاكتساب هو أن يقع الشيء بقدرة محدثة فيكون كسبًا لمن وقع بقدرته.

.252- معنى الأول والآخر:

واختلف الناس في معنى قول الله-عز وجل-: {الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ} [الحديد: 3]:
1- فزعم أكثر الناس أن الآخر معناه أن يكون بعد فناء الدنيا وأن الله بعد الخلق فيدخل أهل الجنة الجنة ويدخل الكفار النار وأن أهل الجنة لا يزالون مثابين ولا يزال الكفار معاقبين.
2- وزعم الجهم بن صفوان أن معنى الآخر أنه لا يزال كائنًا موجودًا ولا شيء سواه ولا موجود غيره وأن الجنة والنار تفنيان ويبيد من فيهما ويفنى.
3- وزعمت البطيخية أن أهل الجنة في الجنة يتنعمون وأن أهل النار في النار يتنعمون بمنزلة دود الخل يتلذذ بالخل ودود العسل يتلذذ بالعسل.
4- وقال أبو الهذيل- وقد حكيناه قوله قبل هذا الموضع- أن أهل الجنة تنقطع حركاتهم فيسكنون سكونًا دائمًا ويكونون سكونًا بسكون باق متلذذين بلذات باقية.
5- وزعم بعض المعتزلة أن معنى أن الله هو الآخر أنه الباقي.
6- وقال من مال إلى أنه لا شيء إلا موجود: إن معنى الأول أنه لم يزل كائنًا ولا شيء سواه وأن الأشياء لو كانت تعلم أشياء غير كائنة لم يصح أن البارئ هو الأول إذ كان لا يصح الوصف له بأنه موجود إلا وهو عالم بأشياء غير كائنة.
7- وقال من خالفهم: إن حقيقة الأول أنه لم يزل موجودًا ولا شيء سواه موجود وإن كانت الأشياء يعلمها أشياء غير كائنة.

.253- معنى القول: إن الله كامل:

القول في البارئ أنه كامل:
1- كان الجبائي لا يزعم أن البارئ يوصف بأنه كامل لأن الكامل هو من تمت خصاله وأبعاضه ولأن الكامل في بدنه هو الذي قد تمت أبعاضه وكذلك الكامل في خصاله من تمت خصاله منا نحو كمال الرجل في علمه وعقله ورأيه وقوله وفصاحته فلما كان الله-عز وجل- لا يوصف بالأبعاض لم يجز أن يوصف بالكمال في ذاته ولا بالنقصان ولما لم يجز أن يشرف بأفعاله لم يجز أن يوصف بالكمال في ذاته من جهة الأفعال وكذلك لا يوصف بأنه وافر لأن معنى ذلك كمعنى الكامل وكذلك لا يقال تام لأن تأويل التام والكامل واحد.
وقال: لا يجوز أن يوصف بالشجاعة لأن الشجاعة هي الجرأة على المكاره وعلى الأمور المخوفة.
وكان يزعم أن الوصف لله- سبحانه- بأنه مختار معناه أنه مريد إذ لم يكن ملجأً إلى ما أراده ولا مكرهًا ولا مضطرًّا إليه والإرادة هي الاختيار وكذلك القول في أن الإنسان مختار عنده وأن الاختيار غير المختار كما أن الإرادة غير المراد وأن اختيار الله للأنبياء هو اختياره لإرسالهم وهو إرادته لذلك.
وزعم أن معنى الاصطفاء من الله للأنبياء برسالته هو اختصاصه إياهم بها وليس معنى الاصطفاء معنى الاختيار لأن كل ما يريده الإنسان من غير أن يلجأ إليه فهو مختار له كما يكون مختارًا للأكل والشرب ولا يكون مصطفيًا لذلك.
وزعم أن الإرادة ليس هي الضمير وأن الضمير محل الإرادة.
وزعم أن معنى أن الله يمتحن عباده ويختبرهم هو أنه يكلفهم وذلك توسع وإنما معنى ذلك أنه يكلفهم طاعته فلذلك لم يجز أن يقال: يجربهم وكذلك معنى يبتلي أنه يكلفهم.

.254- اختلافهم في الترك:

فأما الترك فقد اختلف الناس في ذلك:
1- فجوز قوم على الله- سبحانه- الترك وأنه فعل شيئًا فقد ترك بفعل الشيء فعل ضده.
2- وقد قال الحسين بالترك وأن البارئ لم يزل تاركًا.
3- وقال قائلون: لا يجوز على البارئ الترك وليس الترك منه معنى كما لا يجوز عليه كف النفس ومنعها وكما لا يوصف بالامتناع والكف.

.255- معنى أنه لم يزل خالقا:

القول أن البارئ لم يزل خالقًا:
1- قال أكثر أهل الكلام: لا يجوز إطلاق ذلك.
2- وقال قائلون: قد يجوز أن يقال: لم يزل البارئ خالقًا على أن سيخلق.
3- وقال قائلون: لم يزل البارئ خالقًا على إثباته لم يزل خالقًا في الحقيقة وهذا قول بعض الرافضة.

.256- تفصيل مقالة ابن كُلَّاب:

شرح قول عبد الله بن كلاب:
1- قال عبد الله بن كلاب: إن الله- سبحانه- لم يزل قديمًا بأسمائه وصفاته وأنه لم يزل عالمًا قادرًا حيًّا سميعًا بصيرًا عزيزًا جليلًا كبيرًا عظيمًا جوادًا متكبرًا واحدًا صمدًا فردًا باقيًا أولًا سيدًا مالكًا ربًا رحمانًا مريدًا كارهًا محبًا مبغضًا راضيًا ساخطًا مواليًا معاديًا قائلًا متكلمًا بعلم وقدرة وحياة وسمع وبصر وعزة وجلال وعظمة وكبرياء وكرم وجود وبقاء وإلهية ورحمة وإرادة وكراهة وحب وبغض ورضى وسخط وولاية وعداوة وكلام وأن ذلك من صفات الذات وأن صفات الله- سبحانه- هي أسماؤه وأنه لا يجوز أن توصف الصفات بصفة ولا تقوم بأنفسها وأنها قائمة بالله.
وزعم أنه موجود لا بوجود وأنه شيء لا بمعنى له كان شيئًا وأن صفاته لا هي هو ولا غيره وكذلك القول في الصفات أنها لا تتغاير كما أنها ليست بغيره وأن العلم لا هو القدرة ولا غيرها وكذلك سائر الصفات.
2- وقال بعض أصحابه: الصفات لا يقال هي هو ولا يقال غيره وكذلك لا يقال: كل صفة هي الأخرى ولا يقال غيرها ومنعوا العبارة الأولى.
3- وقال قائلون: إن البارئ- سبحانه- ليس بغير صفاته وصفاته متغايرة قول حارث.

.257- قول أصحاب ابن كلاب في القديم:

واختلف أصحاب عبد الله ابن كلاب في القديم أنه قديم.
1- فقال بعضهم: هو قديم بقدم.
2- وقال بعضهم: هو قديم لا بقدم كما أن المحدث محدث لا بإحداث.